الاثنين، 11 مايو 2009

خلق العزة



العزة للإسلام والمسلمين
الشيخ محمد صديق إمام وخطيب



العناصر :
· ماذا تعني كلمة العزة ؟...
· حرص الإسلام علي غرس العزة والكرامة في نفوس أتباعه
· أثر الشعور بالعزة الإسلامية .
· نماذج من العزة ( ربعي بن عامر , ماشطةُ بنتِ فرعون , عمر بن الخطاب .......
· ما سبب هذه الذلة والخذي والعار الذي أصاب الأمة في هذه الأيام ؟
· ما السبيل لرجوع العزة للأمة من جديد ومن أين تُستمد الأمة عزتها ؟
· هذه سنة الله في كونه , ونصر الله قادم .
.......................................................
أيها الحبة الكرام :
· أولا : ماذا تعني كلمة العزة ؟
كلمة تدل علي القوة والغلبة والقهر والشجاعة والكرامة والظهور والنصرة والأنفة والقدرة علي الأعداء وهي حالة مانعة للإنسان من أن يغلب كما جاء تعريفها في كتاب المفردات للراغب الأصفهاني . وهي مأخوذة من اسم الله العزيز .
وهي ضد الذلة والمهانة والضعف والخذي والعار والاستكانة والوهن .
ولقد جاءت هذه المعاني واضحية وجلية في سورة النساء عندما قال الله تعالي :
بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)
إنهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون الله ومن دون المؤمنين رغبة في الحصول علي النصرة والمنعة والقوة ظنا منهم ان الكافرين سينصرونهم سيمنعونهم لكن ليس هذا هو طريق العزة والكرامة إن هذا هو طريق الخزي والعار والذلة والمهانة أن تتجه إلي أعداء الإسلام وتضع يدك فيأيديهم وتساندهم وتقف بجوارهم وتمد لهم يد العون .... ولكن من اين نحصل علي العزة ؟ إنها من عند الله وحده فإن العزة والمنعة والنصرة والقوة والغلبة من عند الله إنها لله يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده كل شيء إنه علي كل شيء قدير.
قال تعالى : قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)
، وقال تعالي: مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر:10].
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون
إيها الاحبة الكرام هذا هو معنى العزة وهذا هو الطريق الوحيد للعزة والكرامة للرفعة للقوة للغلبة على أعداء الإسلام . بل لابد أن يعيش المسلم بهذا المعني ويتربى عليه .
· ولقد حرص الإسلام الكريم علي تربية اتباعه وتنشئتهم علي هذا المعني العظيم الذي لابد للامة أن تحيى به من جديد فانظر معي إلى هذا التوجيه الرباني في سورة المائدة :
¨ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54).
¨ بل أنظر :
¨ قال تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ....
يا امة الإسلام انتم خير الامم أنتم خير الناس أنتم أفضل الناس ...هكذا يريد القرآن من ابنائه ...
¨ {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا }
¨ { وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج }
¨ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ... محمد
¨ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) يونس
¨ ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا . آل عمران
¨ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران
¨ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين . المنافقون
¨ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46].
هكذا يريد الإسلام الكريم من اتباعه ان يعيشوا بهذا المعني المعنى العظيم وكأنه يقول للمسلم أيها المسلم : ارفع رأسك لا تهن لا تحزن مما يحدث لا تضعف انت الأعز أنت صاحب القوة والنصرة مهما حدث لك مها تكالب عليك الأعداء فارفع رأسك دائما لا تركع إلا لله رب العالمين أظهر دينك وكن عزيزا به واعتز به أمام العالمين ... أنت صاحب الرسالة الخاتمة , انت صاحب العقيدة الحقة لابد أن تمتلأ القلوب بأن ما جاء به الرسول هو الحق وما عداه هو الباطل وأن رسالته خير الرسالات ومنهجه أفضل المناهج وشريعته أكمل النظم التي تتحقق بها سعادة الناس أجمعين ,
أنا أعجب من المسلمين الذين يخجلون أن يظهروا بإسلامهم امام الناس أو ان يعرف أحد أنهم ينتمون إلي الإسلام, البنت تخجل ان تلبس الحجاب الزي الإسلامي , والرجل يخجل أن يربي لحيته .....
إيها المسلم مطلوب منك أن تظهر هذه العزة وهذه الكرامة للعالمين ....وقد يسأل أحدنا سؤلا ويقول ولماذا هي مطلوبة من المسلم ان يظهرها للعالمين ؟ مطلوبة لعدة أمور :
· أثر الشعور بالعزة الإسلامية :
1. إن اعتزاز المسلم بدينه الذي يحمله بين جنبيه يدعوه إلى إعلان هذا الدين على الملأ، يدعوه أن لا يسر إسلامه، ولا يسر صلاته، ولا يسر عبادته، بل يعلن ذلك على الملأ وعلى الناس، وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]. نريد من كل مسلم أن يشعر بهذه العزة؟ لأنه لو تملّك قلبه هذا الشعور فهذه العزة كافية لأن تجعله داعية للعالمين، يدعوهم إلى الهدى والرشاد، وهو موقن من جودة بضاعته التي يدعو إليها، ومن صلاحيتها لانتشال الناس وانتشال الملل الكافرة من الأوحال التي تلطِخ نفوسهم وتلطِخ قلوبهم ومجتمعاتهم. إن هذه العزة تجعله قائدًا لركب الإنسانية وإمامًا يُهتدى به ويُقتدى به. إن هذه العزة تجعله في مرتبة متقدمة يحمل الراية وينير الدرب للسائرين، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]. هذه العزة تجعله لا يخجل من انتمائه لأمة الإسلام، ولا يخجل من عقيدته وشريعته، ولا يخجل من أن يتحدث بلغته لغة القرآن، ولا يخجل من لباسه الشرعي، ولا يخجل من منظره الإسلامي الذي يخالف به الكفر وأهله.
2. لابد ان يكون للمسلم استقلالية وتميز عن غيره من غير المسلمين انت صاحب رسالة ومهة عظيمة أنت صاحب هداية للعالمين فلابد أن تكون في المقدمة وليس في المأخرة ولذلك لابد أن تحس وتشعر بهذه العزة التي أنت فيها ولذلك حرص الإسلام علي هذه الإستقلالية في أكثر من امر ( القبلة , عاشوراء , العيد , ..... .
3. إن المسلم إذا اعتز بدينه وشعر بهذه العزة وشعر بهذه القوة ـ والله ـ لو تمكن منه أعداء الإسلام كلهم فلن يستطيعوا أن يحصلوا منه على شيء؛ لأن هذه العزة موجودة في قلبه، ومهما فُعل به فالوصول إلى قلبه أمر مستحيل، وإن تمكنوا من جسده، ولو قطعوه إربًا إربًا، أما دينه وعقيدته وعزته فهي في قلبه، لا يخاف أحدًا إلا الله عز وجل.
· تعالوا نأخذ بعض النماذج التي تدل علي العزة والكرامة :
v ماشطةُ بنتِ فرعون، كانت ابنة فرعون الصغيرة لها ماشطة، أي: امرأة متولية أمر تمشيط شعرها، وكانت هذه الماشطة مؤمنة، ففي ذات يوم وهي تمشط بنت فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت البنت الصغيرة: بسم أبي؛ لأنها كانت تعتقد أن أباها هو الرب وهو الله؛ لأن فرعون قد رسخ هذه العقيدة عندها كما نشرها بين قومه، مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وكان يدّعي الألوهية، فقالت الماشطة: لا، بل الله هو ربي وربك ورب أبيك، فقالت الصغيرة: إذًا أخبر أبي بذلك، قالت: أخبريه، فأخبرت البنت أباها، فطلبها فرعون فسألها، قالت: نعم ربي وربك الله، فجاء بها فرعون على ملأ من الناس هي وأبناؤها الصغار، وقد أوقدت النار على قدر كبير، فأمسك بولدها الأول وأخذه من فوق كتفها وألقاه في القدر، فانمحى كالحبة، وسرعان ما تقطع وتمزق وذاب جسده، ثم أخذ بالثاني وهو يجر ويسحب ثوب أمه، وفعل به كالأول، فقالت له الماشطة: لي عندك طلب، قال: وما طلبك؟ قالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي في قبر واحد. الله أكبر، أي قوة في إيمان هذه المرأة؟! امرأة ضعيفة لكن باعتزازها بدينها وبقوة إيمانها وعزتها تتحدى أكبر طاغية في زمانه، ولم يستطع فرعون بكل ما أوتي من قوة أن يصل إلى قلب هذه المرأة، وإن تمكن من جسدها وأحرقها. وهكذا الإيمان يفعل في النفوس، وهكذا عزة المسلم بدينه وعقيدته، تجعله يقف في وجه قوى الأرض كلها، تجعله يتحدى كل أعداء الله؛ لأنه يعلم أنهم لن يصلوا إليه إلا بأمر الله عز وجل، فما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه.
v خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه أبو عبيدة ليفتح بيت المقدس، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له، فنزل وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض في تلك المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أَوّهْ، لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد، إنّا كنّا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
v وهذا ربعي بن عامر ضرب مثالاً عجيبًا في العزة في معركة القادسية، عندما طلب رستم من سعد بن أبي وقاص أن يبعث إليه رسولاً يتفاوض معه قبل أن يبدأ القتال، فأرسل إليه المغيرة بن شعبة، فكان مما قاله لرستم: إنا ليس طلبنا الدنيا وإنما همنا وطلبنا الآخرة، ثم بعث إليه سعد رسولاً آخر، وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والحرير، وأظهروا اليواقيت واللآلئ الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلاّ رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق تلك النمارق فخرقها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسَلَنَا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله، قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي. هذا الصحابي الجليل عاش العزة في أسمى معانيها، ربّى الإيمان عزته فغدت الدنيا حقيرة ومباهجها صغيرة والكبراء صغارًا لا يزنون مثقال ذرة.
هذه بعض النماذج من أجندة تاريخنا المجيد ولو تحدثنا وذكرنا أمثلة أخري ما وسعتنا الأيام والساعات وقد يسأل سائل ويقول ما بال هذه العزة اليوم أين ذهبت إين العزة وأين الكرامة ألهذه الدرجة وصلت الذلة والمهانة بالمسلمين بلدة صغيرة لم تتجاوز السبعين سنة تتحكم في دول العالم بضعة ملايين يتحكمون في المسلمين الذين بلغ عددهم مليار ونصف المليار ألهذه الدرجة تتمرغ أنوف المسلمين في التراب وتضرب الامة علي أم رأسها بالأحذية والأمة واقفة لا تتحرك أين جيوش المسلمين لا نسمع إلا الشجب والإدانة أين السادة وأين قادة المسلمين وأين أصحاب الكلمة أين الأحرار من هذه الأمة ألا يعرفونم إلا الكلام وفقط …. عار علي هذه الأمة التي لا تعرف طريق كرامتها وعزتها ,
وفي نفس الوقت الذي أرى فيه أن الأمة هنا تعيش وتتجرع كؤس الذلة والمهانة أرى هناك قوما رفعوا رؤسهم عالية شامخة تطاول السماء أبو أن يطأطؤا رؤوسهم إلا لله الواحد القهار هؤلاء القوم يعيشون حياة الكرامة حياة العزة حياة الشموخ حياة الرفعة حتي وهم في وسط المدافع في وسط الصواريخ يقدمون الشهداء تلو الشهداء ولا تزال رؤوسهم عالية , وقفوا وحدهم أمام أكبر قوة عالمية تساندها امريكا ومن مع أمريكا من الخونة والعملاء وهم مع كل ذلك صامدون صابرون مجاهدون لم يفروا من المعركة يقدمون التضحيات تلو التضحيات فهنيئا لكم أيها الأبطال أيها الشجعان والله لقد علمتمونا العزة والكرامة .
·
· ماسبب هذه الذلة وهذه المهانة ؟

1. حب النيا وكراهية الموت : قال صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)).
2. كثرة المعاصي والذنوب : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) يونس
3. التخاذل عن نصرة المظلوم : عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال : من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله عز و جل على رؤوس الخلائق يوم القيامة .
4. مخالفة أمر الله ورسوله : إن الذين يحادون الله ورسوله ألئك في الأذلين . , يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) القلم
5. ترك الجهاد في سبيل الله : عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ الإِخْبَارُ لِجَعْفَرٍ وَهَذَا لَفْظُهُ. صححه الألباني
6. الفرقة والتنازع والتشتت : وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46].

· ما السبيل لرجوع العزة والكرامة للأمة من جديد أو من أين تُستمد عزتها وكرامتها ؟
1. لابد أن تتربى الامة علي الجهاد والتضحية وعدم الركون إلي الدنيا فإنَّ ثمنَ الكرامةِ كبير، وتكاليفَ العِزّة غالية، وإنما تحيَا الأمَم بجهاد أفرادِها وتُنصَر بتضحياتِ رجالها، ولا خيرَ في أمّةٍ يوطَأ مِنَ العِدا أرضُها ويُداس مِنَ البُغاة حريمها، فتَركنَ إلى الإخناع والإخضاع والاستسلام والإخشاع، ولن تُحمَى الأوطانُ إلا بالتضحية والفداء، ولن تُصَانَ الذِّمار إلاّ بالجهاد والإِباء، ولا تقوم الممالِك والأمجادُ إلاّ على مركب العِزّة ومتنِ الكرامة، ورسول الله يقول: ((مَن قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قتِل دون دمه فهو شهيد، ومن قتِل دون دينِه فهو شهيد، ومَن قتِل دون أهلِه فهو شهيد))(4).
2. لابد ان نتخلي عن المعاصي ونرجع إلي الله عز وجل ونتمسك بسنة النبي ( ص ) تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابد ا كتاب الله وسنتي .
3. البعد عن الفرقة والتنازع والتشتت حتي في بيوتنا وبين بعضنا أذلة علي المؤمنين أذلة علي الكافرين.
4. التعاون فيما بيننا علي لانصرة المظلوم فإن العدو إذا انفرد بأحدنا ولم يجد نصيرا سينتهي من أخي ويأتي علي , انصر أخاك ظالما او مظلوما , لا يؤمن احدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه , ....
أيها الاحبة الكرام :
لا ننسي إن لله سننًا لا تتخلف، تجري على الأفراد كما تجري على الأمم، فيصيبهم الذل والهوان جزاء ما اقترفوا ولقاء ما قدموا، يسلط الله عليهم ما لم يكونوا يحتسبون، وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِمًا [يونس:27].
ومن ناحية أخري أن الله يملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته , ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ,...
ولن تستعيد الأمة حقوقها ولن تنتصر على أعدائها إلا حين تبتغي العزة، والعزة لن تكون عند الكافرين، العزة تطلب من رب العزة وحده لا شريك له، مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر:10],,. وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [المنافقون:8].
ونصر الله قادم قادم لا محالة قال تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءامَنُواْ فِى الْحياةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاْشْهَادُ [غافر:51].
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق